مهارات القرن الحادى والعشرين

اسم صاحب المدونة : د / نرمين مصطفي حمزة الحلو

مهارات المعلم

مهارات معلم القرن الحادي والعشرين
إن أهم المهارات التي ينبغي أن يمتلكها معلمو القرن الحادي والعشرين لولوج عصر الاقتصاد المعرفي سعيًا لبناء مجتمع المعرفة في ضوء التحديات المتعددة التي تعيشها النظم التربوية، تتمثل في: (تنمية المهارات العليا للتفكير، إدارة المهارات الحياتية، إدارة قدرات الطلاب، دعم الاقتصاد المعرفي، إدارة تكنولوجيا التعليم، إدارة فن التعليم، إدارة منظومة التقويم).
المهارة الأولى: تنمية المهارات العليا للتفكير
 تعد مهارات التفكير من العمليات الأساسية في السلوك الإنساني، فهي السمة المميزة للإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، وأصبحت برامج تعليم التفكير وتنميته هدفًا رئيسًا من أهداف المؤسسات التربوية، وعليه فإن الكثير من القائمين على العملية التعليمية يتفقون على ضرورة تعليم التفكير وتنمية مهاراته لدى المتعلمين، خاصة أن هناك دولاً تبنت هذه الوجهة في عملياتها التعليمية ومنها اليابان وأمريكا وسنغافورة وماليزيا وغيرها الكثير.
ولعل المتتبع لاتجاهات تعليم وتعلم التفكير يلمس اختلافًا واضحًا بين المنظرين في هذا المجال، إذ إن هناك اتجاهات متباينة حول هذا الموضوع، إذ يُعتبر المعلم حسب معطيات القرن الحادي والعشرين مسؤولًا مباشرًا عن تنمية أنماط التفكير لدى المتعلمين، وتتباين آراء مراقبي المستقبل حول كيفية إدارة تنمية مهارات التفكير من خلال المنهج، وذلك في ثلاث توجهات:
التوجه الأول (الاستقلال Independent): وينادي هذا الاتجاه بضرورة تنمية التفكير من خلال دروس وبرامج خاصة ومحددة لتنمية مهارات التفكير العليا مثل: (برنامج القبعات الست وأدوات تريز وغيرها)، ويًعد ديبونو من أكثر الداعين لهذا التوجه
التوجه الثاني ( التضمين Including ): ويرى هذا التوجه إمكانية تطوير المعلم لمهارات التفكير العليا لدى طلابه من خلال حصص المواد الدراسية المختلفة، وذلك حينما يحرص المعلم على تقديم مقرراته الأكاديمية (العلوم الرياضيات / اللغات....) مراعيًا البحث عن الخبرات التي تضع المتعلم في مواقف تحتم عليه استخدام مهارات عليا للتفكير
التوجه الثالث (الدمج Merging): وهو توجه توسطي بين التوجهين السابقين ويقوم على وجود البرامج المستقلة التي تعطي المبادئ العامة والقواعد الأساسية للتفكير، على أن تكون الجوانب التطبيقية والعملية داخل المقررات الدراسية، وهو توجه يحتاج لرؤية تنظيمية واضحة في بناء المناهج التي ترعى هذه المتطلبات التطبيقية.
تتنوع برامج تعليم التفكير بحسب الاتجاهات النظرية والتجريبية التي تناولت موضوع التفكير، ومن أبرز الاتجاهات النظرية التي بنيت على أساسها برامج تنمية التفكير ومهاراته ما يأتي:
1- برامج العمليات المعرفية: تركز هذه البرامج على العمليات أو المهارات المعرفية للتفكير مثل المقارنة والتصنيف ومعالجة المعلومات، ومن بين البرامج المعروفة التي تمثل اتجاه العمليات المعرفية برنامج البناء العقلي لجيلفورد وبرنامج فيورستون التعليمي الإثرائي.
2- برامج العمليات فوق المعرفية: تركز هذه البرامج على التفكير بوصفه موضوعًا قائمًا بذاته، وعلى تعلم مهارات التفكير المعرفية التي تسيطر على العمليات المعرفية وتديرها، ومن أهمها التخطيط والمراقبة والتقييم وتهدف إلى تشجيع الطلبة على التفكير حول تفكيرهم، والتعلم من الآخرين، وزيادة الوعي بعمليات التفكير الذاتية، ومن أبرز البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج الفلسفة للأطفال، وبرنامج المهارات فوق المعرفية.
3- برامج المعالجة اللغوية والرمزية: تركز هذه البرامج على الأنظمة اللغوية والرمزية كوسائل للتفكير والتعبير عن نتاجات التفكير معًا، وتهدف إلى تنمية مهارات التفكير في الكتابة والتحليل وبرامج الحاسب، ومن بين هذه البرامج التعليمية برنامج الحاسب اللغوي والرياضيات.
4- برامج التعلم بالاكتشاف: تؤكد هذه البرامج أهمية تعلم أساليب واستراتيجيات محددة للتعامل مع المشكلات، وتهدف إلى تزويد الطلبة بعدة استراتيجيات لحل مشكلات المجالات المعرفية المختلفة، وتضم هذه الاستراتيجيات التخطيط، إعادة بناء المشكلة، تمثيل المشكلة بالرموز أو الصور أو الرسم البياني، والبرهان على صحة الحل، ومن بين البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج كورت وبرنامج التفكير المنتج لكوفنجتن ورفاقه.
5- برامج تعليم التفكير المنهجي: تتبنى هذه البرامج منحى بياجيه في التطور المعرفي، وتهدف إلى تزويد الطلبة بالخبرات والتدريبات التي تنقلهم من مرحلة العمليات المادية إلى مرحلة العمليات المجردة التي يبدأ فيها التفكير المنطقي والعملي، وتركز على الاستكشاف ومهارات التفكير والاستدلال والتعرف على العلامات ضمن محتوى المواد الدراسية( مجيد، 2008).
وضمن أولويات أنماط مهارات التفكير العليا بالقرن الحادي والعشرين تتنبأ الأدبيات بثلاثة أنماط لمهارات التفكير العليا ينبغي على معلم القرن الحادي والعشرين مراعاتها،
أولًا: التفكير الإبداعي
يعرف تورانس Torrance (1993) التفكير الابتكاري بأنه إدراك الثغرات والاختلال في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق الذي لا يوجد له حل متعلم، وهو عملية تحسس للمشكلات، ومواطن الضعف وأوجه القصور وفجوات المعرفة والمبادئ الناقصة، وعدم الانسجام وغير ذلك.
ويعرف وليامز Williams في رونكوونيميرو Runc- & Nemiro (1996) التفكير الابتكاري بأنه مجموعة من المواهب والقدرات والمهارات المعرفية، وهذه القدرات موجودة لدى جميع الأفراد ولا تقتصر على فئة دون أخرى، إلا أنها تختلف في الدرجة (الكم) والنوع (الكيف- الصفة)، بين الأفراد، فالجميع لديهم قدرات ومهارات إبداعية (الطلاقة، الأصالة، المرونة، التحسين والتطوير، والحساسية للمشكلات)، إلا أن بعضهم يمتلكها بقدر ودرجة أكبر من البعض.
ثانيًا: التفكير الناقد
كانت بداية الاهتمام بمفهوم التفكير الناقد في الأدب التربوي المعاصر متأثرة بالنظرة الإغريقية التقليدية للتفكير، في الفترة بين 1910- 1939، وذلك في أعمال جون ديوي John Dewey، التي استعمل فيها مصطلحات مثل التفكير التأملي والتساؤل والتي اعتمدها في الأسلوب العلمي، ثم جاء جليسر وآخرون Glaseret al، وأعطوا معنى واسعًا لمصطلح التفكير الناقد ليشمل بالإضافة إلى ما سبق فحص العبارات، وذلك في الفترة ما بين 1940-1961، ثم ضيق مفهوم التفكير الناقد في أثناء عمل إنيس وزملائه Ennis et al، وذلك في الفترة ما بين 1962- 1979، ثم اتسع المفهوم ليشمل جوانب التفكير بأسلوب حل المشكلات من خلال جهود إنيس وزملائه Ennis et al في الفترة من 1980- 1992(Streib, 1992).
يرى جاد الله (2004) أن هناك مجموعة من الأدوار التي ينبغي على المعلم أن يمارسها في سبيل تنمية التفكير الناقد وهي:
1-التخطيط للمواقف والخبرات التعليمية: حيث يعد المعلم مخطط الخبرات التعليمية نحو مشكلات الحياة الواقعية، ويطور مفاهيم وتعميمات، ومهارات وثيقة الصلة، من خلال التعامل على نحو إبداعي مع مواقف واقعية في حياه الطلبة.
2-مشكل للمناخ الصفي: حيث يوظف المعلم مبادئ ديناميات المجموعة، في توطيد مناخ جماعي متماسك، يقدر فيه التعبير عن الرأي والاستكشاف الحر والتعاون والثقة والدعم والتشجيع.
3-المبادرة: حيث ينبغي على المعلم أن يقوم بتعريف الطلبة بمواقف تركز على المشكلات المتكررة والحقيقية لدى الطلبة، في الوقت الذي يعمل فيه على إثارة حب الاستطلاع والاهتمام لديهم، وعلى حفزهم على الاستقصاء في عدد من الاتجاهات المثمرة، ويظهر المعلم أثناء المبادرة حب الاستطلاع والاهتمام بالمشكلات المطروحة، ويستخدم أسلوب طرح الأسئلة لإشراك الطلبة بفاعلية.
4-موجه للأسئلة: من الأدوات المهمة في التعليم القائم على الخبرة توجيه الأسئلة، فعندما يقوم المعلم بتأدية كل دور من الأدوار السالفة الذكر، فإنه يطرح الأسئلة الملائمة ذات المعنى لتعزيز التعلم بالخبرة، وتؤدي الأحداث الصفية وغير الصفية عمومًا إلى الاعتقاد بأن الأسئلة المطروحة وطريقة البحث عن إجابتها تعكس نوعية التعلم بصورة أكبر مما تعكسه الإجابات نفسها، ولأن جميع الأسئلة المهمة لا تثار عادة، ولا يجاب عنها من جانب المعلم، لذلك ينبغي تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة الخاصة والبحث عن إجابات خاصة.
5-أنموذج وقدوة: يقوم المعلم بوصفه أنموذجًا بعرض السلوك الذي يبين أنه شخص مهتم، محب للاستطلاع، ناقد في تفكيره وقراءته منهمك بحيوية، مبدع،متعاطف،عادل، راغب في سبر تفكيره سعيًا وراء الأدلة، ويستطيع الطلبة ملاحظة الفرق بين ما يقوله المعلم وبين ما يفعله.
6-مصدر المعرفة: يقوم المعلِّم في كثير من الحالات بدور مصدر المعرفة، إذ يقوم بإعداد المعلومات وتوفير الأجهزة والمواد اللازمة للطلبة لاستخدامها، وعندما يسأل عن الإجراءات والمواد والتفصيلات وسير العمل؛ فإنه يحرص على الإجابة بأنها تلك التي تسهل على الطلبة الاستقصاء والتعلم بالخبرة، في حين يتجنب تزويد الطلبة بالإجابات التي تعوق سعيهم للوصول إلى استنتاجات يمكنهم التوصل إليها بأنفسهم وتكوينها.
7-محافظ موصل: إِنَّ أسهل مهمة يمكن أن يمارسها المعلِّم هي إثارة اهتمام الطلبة بقضايا شيقة وحقيقية، وإنما الصعوبة التي يواجهها هي في الحفاظ على انتباههم، وإعادة شحذ هممهم في وجه الكثير من العوائق التي لا مفر منها، والتي تعترض حل المشكلات والإبداع،كما أن استخدام المعلم لمواد ونشاطات وأسئلة مثيرة لتحفيز الطلبة أمر مهم
ثالثًا: مهارات ما وراء المعرفة
(التفكير في التفكير)
عادة ما يفكر المعلم في كيفية تعليم طلابه، وعادة ما يطلب من طلابه أن يفكروا، وتتمثل أهمية التفكير ما وراء المعرفي في أنه يمكن الفرد من إصدار أحكام مؤقتة فضلاً عن استعداده للقيام بأنشطة أخرى, كما تساعد الفرد على ملاحظة القرارات التي يتخذها, وبذلك يجعل الفرد أكثر إدراكا للمهمات التي يقوم بها، وعند ذاك يتحقق للفرد اتجاه لتوليد الأسئلة التي تدور في مخيلته عند بحثه للمعلومات, والتي تساعده في تكوين خرائط معرفية قبل القيام بالمهمة المطلوبة منه.وبعد ذلك ينتقل الفرد إلى مرحلة أخرى وهي التقييم الذاتي والتي تعد من العمليات العقلية المهمة التي ترفع في النهاية من إنجاز الفرد وتحسن من أدائه. ونستطيع القول إن الشخص يمارس مهارات ما وراء المعرفة حينما يطرح على نفسه بعض من الأسئلة أثناء انهماكه في عمل ما يشغل فيه تفكيره العميق.
المهارة الثانية: إدارة المهارات الحياتية
وعند الحديث عن إدارة المهارات الحياتية لابد من تناول موضوعين في غاية الأهمية:
الأول: الإدارة بالتعاقد لمعلمي القرن
الحادي والعشرين (العقود السلوكية)
يتمثل الهدف من العقود السلوكية في التوصل إلى اتفاق يلزم كل طرف بالوفاء بحقوق الطرف الآخر، بمعنى أن يكون سلوك كل طرف خاضعًا للمعايير التي يتوقعها منه الطرف الآخر، ويرجع أصل هذه العقود السلوكية إلى كتاب ستيوارت Stuart الصادر عام 1971، حيث ركز الكتاب على استراتيجيات ضبط وتقويم السلوك فيما يتعلق بالمجال التعليمي على وجه الخصوص.
ولقد أشار «ستيوارت» إلى هذه العقود على أنها أداة فعالة تؤدي إلى تقوية العلاقات الأسرية وغرس السلوك الإيجابي لدى الطلبة، كما أكد ستيوارت ضرورة توفر العوامل الآتية:
أ-سبل التعزيز الإيجابي.
ب-التوصل إلى اتفاقيات محددة توضح أن كل طرف له حقوق وعليه واجبات.
ج-إدراك أهمية المعالجة الإيجابية للسلوكيات غير المقبولة التي تصدر عن الطلبة.
د-الحرية في اتخاذ القرارات والخيارات السلوكية مع إدراك النتائج المحتملة لكل من هذه القرارات.
مكونات العقود السلوكية: تتكون العقود السلوكية من ثلاثة عناصر أساسية، وهي:
-الحقوق: إذ يجب أن يشتمل العقد على المزايا التي يحصل عليها أحد الأطراف عند الوفاء بشروط العقد.
-الواجبات: إذ يجب أن يشتمل العقد على المسئوليات التي يكون على أحد الأطراف الوفاء بها لضمان الحصول على المزايا أو الحقوق المنصوص عليها.
-الإشراف والرقابة: إذ يجب أن يحتوي العقد على الوسائل الرقابية التي يكون من شأنها تسجيل ورصد مدى التزام الأطراف المعنية بشروط العقد.
وإلى جانب هذه العناصر الأساسية، يوجد عنصران إضافيان تجب الإشارة إليهما:
- الثواب: من السهل القيام بتعديل سلوك الفرد لفترة زمنية محدودة، غير أنه يكون من الصعب الاحتفاظ بهذا السلوك المعدل لفترة زمنية طويلة، بمعنى آخر يعد تحقيق النجاح في حد ذاته أمرًا سهلًا، غير أنه يكون من الصعب الاحتفاظ به، ولذلك يجب ضمان الالتزام بشروط العقود السلوكية بشكل دائم وليس فقط بشكل مؤقت، وتحقيقًا لهذا الهدف يجب إثابة الطالب ومكافأته عندما يأتي بسلوك إيجابي ليزيد ذلك من احتمال تكراره في المستقبل.
- العقاب: يذهب البعض إلى أن عدم مكافأة الطالب يعد في حد ذاته رد فعل مناسب لعدم التزامه، غير أن فرض العقوبات قد يكون ضروريًا في بعض الحالات الاستثنائية التي لا يجدي فيها مجرد عدم الإثابة أو المكافأة، وذلك نظرًا لأنه في هذه الحالات الاستثنائية، لا يؤدي مجرد الحرمان من المكافأة إلى التوقف عن السلوك غير الملائم، فقد يكون هناك طالب يحدث شغبًا مستمرًا في الفصل ولا يعد الحرمان من المكافأة رادعًا مناسبًا له، فربما إذا قام المدرس بخصم بعض من درجاته، يكون ذلك بمثابة رادع قوي يدفعه إلى الالتزام بشكل جاد. ذلك بالإضافة إلى أن العقد السلوكي الناجح غالبًا ما يتضمن تاريخ بدء العقد وتاريخ مناقشته وتقييم النتائج.
الثاني: مهارات الإدارة الصفية لمعلمي
 القرن الحادي والعشرين
نحن ندعو لأن يتعلم الطلاب بحرية وفاعلية، ولكي يتحقق ذلك لابد من نظام أو انضباط يلتزم به الطلاب، وهذا يعني وجود بعض القواعد والقوانين لتوفير مناخ صفي صحي يساعد على التعلم. والإنسان بطبعه، لا يحب القوانين والقواعد إذا كانت مفروضة عليه فرضًا وإذا لم ير فيها مصلحة له أو عاملًا يساعده على تحقيق غايته، ولكنه يتحمس للقواعد والقوانين إذا شارك في وضعها أو التوصل إليها، أو إذا آمن بلزومها وفائدتها، أو إذا وجد فيها منفعة أو عاملًا يساعده على تحقيق غاياته.
ولكي ينجح المعلم في توظيف هذه القواعد في تحقيق النظام والانضباط الصفي، يجب أن يركز على الجوانب الإيجابية منها أثناء تفاعله وتعامله مع الطلاب، فيوضح لهم، كلما سنحت الفرصة، ما ينبغي عليهم فعله، ويبين لهم أهمية هذا الفعل وانعكاساته الإيجابية على الصف وعلى الجماعة وعلى العملية التربوية عامة، وهكذا يساعد المعلم طلابه عل بناء قواعد السلوك الصفي وتمثلها في سلوكهم بصورة واعية ومتدرجة، من خلال إدراك أهميتها وانعكاساتها على المناخ الصفي وعمليات التعليم والتعلم.والتي تتمثل في: (ضرورة وجود رسم تخطيطي) للبنود الأتية
· وضوح الأهداف والإجراءات: تتطلب الإدارة الفاعلة للصف وضوحًا في الأهداف المنشودة لدى المعلم والمتعلمين، لكي يعرف المعلم ما يريد تحقيقه، ويعرف المتعلم النتائج التي يسعى لبلوغها، وما ينبغي عليه فعله لتحقيق ذلك، وكيف يؤدي عمله، وبأي الأدوات والوسائل وما الشروط والظروف اللازمة، وما معايير التفوق والإتقان في تحقيق الهدف المنشود.
· التعزيز: إن نظام الصف القائم على الثقة والاحترام خير من النظام القائم على التسلط والشدة والخوف، والتعزيز واحد من الأساليب التي تولد الثقة والاحترام، والمقصود بالتعزيز الاعتراف بالسلوك المرغوب فيه والصادر عن المتعلم وتقبله والثناء عليه، ويؤدي التعزيز دورًا فاعلًا في تحقيق النظام والانضباط الصفي، لأنه يحفز المتعلم إلى تكرار السلوك المعزز، وهو أقدر من العقاب على إحداث تعديل السلوك وأفعل في تحيق ديمومة السلوك المنشود.
· المشاركة وتبادل الخبرات: إن إتاحة الفرص للطلاب للتعاون والمناقشة والتشاور والمشاركة في العمل، عندما يستوجب الموقف شيئًا من ذلك، تساعد على توفير النظام والانضباط الصفي الفعال، وليس النظام المتزمت الجامد الذي يقيد المتعلمين، ومع أن بعض المعلمين يخشون من حدوث الضجة والفوضى، إلا أن المعلم النبيه يستطيع توجيه الطلاب، ويعلمهم كيف يتواصلون دون أن يضايق بعضهم البعض الآخر.
· النقد البناء: يظل الطالب معرضًا للوقوع في الخطأ، ولكن المعلم الواعي هو الذي يتفهم أخطاء طلابه ويعالجها بدراية وسعة صدر، بعد أن يسعى لإدراك دوافعها، ويتخذ منها موقفًا متعقلًا، فالنقد البناء، وليس الانتقاد الساخر الجارح الذي يضخم الأخطاء ويحرج أصحابها، هو الذي يساعد في توفير النظام والانضباط في الصف، إن الانتقادات الجارحة تزيد السوء سوءًا، أما النقد البناء فينطوي عل الفهم والتفهم، وتقبل وقوع الإنسان في الخطأ، وتزويد المخطئ بتغذية راجعة هادئة بناءة تعينه على وعي سلوكه وتعديل الجانب السلبي فيه في الاتجاه المنشود دون قسر أو إكراه.
· الصمت الفعال: ليس الصف الجيد، هو الصف الذي يخيم عليه الهدوء والسكون، ويجلس فيه الطلاب مكتوفي الأيدي مكمومي الأفواه دون كلام أو حراك، هناك فرق بين الصمت الهادف الإيجابي الواعي، والصمت القسري المفروض غير الهادف وغير المتفاعل، إن الصمت مقبول عندما يمارس الطلاب التفكير والإصغاء التأملي أو العمل الهادف أو الدراسة والقراءة الصامتة، وهو غير مقبول عندما يكون نتيجة الخوف من البطش والعقاب، لأنه عندئذ يولد المشاعر والاتجاهات السلبية، والصمت من قبل المعلم إزاء سلوك معين أو استجابة معينة قد يكون أفضل من الكلام.
· توظيف التقنيات: يستطيع المعلم، أن يوسع حدود صفه بأن ينقل إليه خبرات وألوانًا من النشاط تزيد من فرص التعلم فيه، باستخدام الوسائط السمعية والبصرية، فتضيف إلى الموقف التعليمي عوامل تؤثر في إشراك حواس المتعلمين المختلفة، فتسهم في تحقيق التعلم الفعال، وبالتالي في ضبط الصف وحفظ النظام فيه، ذلك أن التعلم الناشئ عن مشاركة الحواس جميعًا يفوق معناه وثباته التعلم الناشئ عن حاسة واحدة.
معلمو القرن الحادي والعشرين
وإدارة التفاعل الصفي
وللتفاعل الصفي المتمثل في أنماط التواصل بين أطراف العملية التعليمية دور هام ومؤثر في أداء الطلاب التحصيلي وفي أنماط سلوكهم، فهو وسيلة التعليم والتعلم، وسبيل تطور روح الفريق، والعامل على توليد الشعور بالانتماء إلى المدرسة ونظامها، ووسيلة المعلم لتعرف حاجات الطلاب واتجاهاتهم، وهو بالتالي الطريق إلى إنشاء علاقات يسودها التفاهم بين المعلم والطلاب، وبين الطلاب أنفسهم، والميسر لفهم الأهداف التعليمية وإدراك استراتيجيات بلوغها. ومن أهم عوامل التفاعل الصفي والتواصل الفعال:
· الإصغاء: ويعد مهارة أساسية في جميع النشاطات التعليمية والاجتماعية.
· المشاركة في المناقشة: وهي فرصة المعلم لتنظيم المناخ الصفي الذي يستثير دور الطلاب ويحفزهم على السؤال والجواب.
· الاستجابة: ويقصد بها استجابة المعلم لمكونات الوضع التعليمي والمستجدات، كما يقصد بها استجابة المتعلم لما يطرحه المعلم.
· التقويم: وفيه تكون استجابات الطلاب تقويمًا لعمل المعلم، وفي آراء المعلم تقويم لمشاركات الطلاب واستجاباتهم، وينشأ عن ذلك التغذية الراجعة المناسبة، التي تسهم في ضمان سلامة المسار للعملية التعليمية.
· التواصل: في حقيقته، جوهر النشاطات الصفية، وضمانة المعلم لتسهيل التعلم وتحسين مستوى تحصيل الطلاب وبناء شخصياتهم، وعلى الرغم من أن السلوك اللفظي هو أكثر أنماط السلوك شيوعًا في مدارسنا، إلا أن التفاعل الصفي يشمل، إلى جانب التفاعل اللفظي في غرفة الصف، أنماطًا أخرى من السلوك والتفاعل والتواصل غير اللفظي الذي يسهم في فاعلية النشاط الصفي إلى حد كبير.


هناك تعليق واحد: